هذه الرواية في قبال تلك الروايات ، والملفت للانتباه في هذه الرواية هو أنّها تفيد أنّ المعنى الظاهري لـ (الراسخون في العلم) هو غير التفسير الموجود في هذا الحديث ، من هنا صارت الرواية بصدد توجيه الآية ، إذ يقول الإمام عليهالسلام : (وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ ، الإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغيْبِ الْمَحْجُوبِ ، فَمَدَحَ الله ـ تَعَالَى ـ اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً ، وَسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيَما لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً).
فإن كان المعنى الظاهري للراسخين في العلم مطابقاً لهذه الرواية ، لم تكن هناك من حاجة إلى مثل هذا الشرح والتوضيح بأنّ الله قد وصف ترك هؤلاء الأفراد التعمّق فيما لم يحيطوا به علماً رسوخاً في العلم(١).
وعلى كلّ حال ، فبالنظر إلى الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام ، لا يبقى هناك من شكٍّ في أنّ قراءة الوقف على (الله) في هذه الآية الشريفة خاطئة ، ويجب اعتبار (الراسخون في العلم) عطفاً على الله.
* وهناك الكثير من الروايات حول المحكم والمتشابه وتفسير هاتين المفردتين وبيان أحكامهما ، من ذلك موثّقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام يقول فيها :
«سمعته يقول : (إنّ القرآن فيه محكم ومتشابه ، فأمّا المحكم فنؤمن به ،
__________________
(١) وقد روي عن عائشة ما يُشبه هذا الكلام أيضاً (انظر : تفسير الطبري ، ج ٣ ، ص ٢١٤).