ولا فرق بين المسألتين إلاّ وقوع الطلاق ثانياً مع بذل الزوجة ، ووقوعه رجعياً مع بذل الأجنبي ، ثمّ حكى عبارة العلاّمة طاب ثراه في القواعد ، وهي كعبارة الشرائع ، وقد نقلناه فيما سبق. أقول التحقيق الذي يقتضيه النظر أن يقال : إمّا أن يكون بذل الأجنبي على أنّه فدية الخلع ، أو على وجه الجعالة ، كما لو بذلك له مال على أن يعتق عبده ، فإن كان الأوّل بني على جواز كون عوض الخلع من أجنبي ، فإنّ فيه كلاماً مشهوراً ، فإن جوّزناه اعتبرت شرائط الخلع برمّتها ، ومنها الفورية ، إلاّ أنّ الأصحّ عدم جوازه ، كما أوضحناه في مسألة وضعناها في ذلك.
وإن كان الثاني ، فحكمه الجعالة الواقعة على سائر أعمال التولية وغيرها ، فلا يشتراط الفورية ، ولا يكون الطلاق بائناً ؛ إذ لا يعدّ خلعاً حينئذ. وجواز الجعل على الإطلاق ممّا لا ينبغي الريب فيه ؛ لأنّه يجوز على كلّ عمل مقصود محلّل ، ومنه إيقاع صيغة عقد ونحوه ، وقد صرّح بما ذكرناه خاتمة المحقّقين ، الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي ، ثمّ قال الصيمري طاب ثراه : وإذا وقع الجعل على الطلاق ، فالمراد إزالة قيد النكاح ، ومقتضاه عدم الاستحقاق حتّى تحصل البينونة. انتهى كلامه. وهو قريب وقد بسطنا الكلام في ذلك في غير هذا المقام ، فليرجع إليه من أراد الإحاطة بأطراف الكلام(١).
العلاّمة فخر الدين أحمد بن عبد الله كان معاصراً للشيخ المقداد وهو
__________________
(١) نفس المصدر : ١٢٠ ـ ١٢٤.