تعالى على المكلّفين رفع هذين الحكمين في حال اشتغال المكلّف بالسفر الذي قد ورد أنّه قطعة من سقر في شدّة التعب ، ومع إحراز ارتفاع هذا النحو من المشقّة فهذا التفضّل لا موضوع له ، أو أنّه ـ كما هو عند بعض علماء العامّة ـ ترخيص وليس عزيمة في قصر الصلاة والإفطار فيجوز لك الصلاة تماماً وكذلك يجوز لك الإفطار ، فيحمل ذلك على التفصيل بين حال المشقّ وعدمها.
وهذا اشتباه محض ، فإنّ لسان الآيتين لسان العزيمة كما صرح بذلك الإمام عليه السلام في جوابه لمحمّد بن مسلم وزرارة وأوضح لهما ذلك بتنظير الأمر بنفي الجناح في السعي بين الصفا والمروة مع أنّه ـ أي السعي ـ واجب باتّفاق المفسّرين وفقهاء الإسلام ومن الواجبات التي لا طريق لتصوّر الجواز أو الترخيص في تركهما في حجٍّ أو عمرة هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ هذا النحو من الأمر بالقصر من الصلاة أو الإفطار في الصوم وإن كان لسانه التفضّل إلاّ أنّه لا ملزم بكون التفضّل الإلهي دائماً يكون بنحو الرخصة وجواز مخالفته ، بل قد يكون ذلك ملزماً باتّباعه ، وهذا ما هو عليه الحكم في التقصير ولذا قد سمّى الرسول صلوات الله عليه وآله قوماً من أمّته أتمّوا صلاتهم في السفر بالعصاة وأنّه يبرأ منهم ، ولو كان التقصير رخصة وليس عزيمة لم يكن من داع لوصم فعلهم بالمعصية ولا تبرّؤ النبي منهم.
إذن فهذا الحكم من الله تعالى حكم تعبّدي محض؛ فإلى يوم القيامة كلّ من يسافر المسافة الشرعية المنصوص عليها تكون وظيفته قصر الصلاة على