التفصيل المذكور في الكتب الفقهية.
الثاني : وجه اعتباري عقلي محض وهو : أنّه بملاحظة ما كان عليه سفرهم في تلك الأزمنة من مشقّة شديدة يفهم أنّ مذاق الشارع هو التوفيق بين عدم ترك المكلّفين للتكاليف الشرعية وفعل ما هو الممكن لهم منها ، فليس من الحكمة نهيهم عن إتيانها أصلاً ، كما أنّه ليس من الحكمة أن يأمرهم بإتيانها كاملة تامّة ، فلذا مقتضى التوفيق بين هذين الأمرين أنّ الحفاظ على التكليف لكن بصورة مخفّفة ، رفعاً لتلك المشقّة ، فإذا كانت المشقّة هي المناط في كلّ ذلك ، ففي الزمان الذي لا تكون فيه مشقّة وفي السفر الذي لا يكون فيه تعب ومشقّة ينتفي موضوع الحاجة للتوفيق بين ذينك الأمرين ، فتبقى الصلاة على حكمها الأوّلي وكذا يبقى المكلّف صائماً.
وهذا وجه استحساني محض أيضاً واستكشاف غير موفّق لملاك الحكم الشرعي ، وذلك لأمرين :
أحدهما : أنّه لا طريق لاستكشاف ملاكات الحكم الشرعي من خلال نفس الأحكام ، فهي ممّا لا تدركه عقولنا لقصورها عن ذلك ، وما يمكن أن تتوصّل له ليس إلاّ حكمة من التشريع لا أنّه ملاك الحكم الذي يدور معه الحكم وجوداً وعدماً ، سعة وضيقاً.
ثانيهما : أنّه لا يسوغ للمكلّف أن يتعبّد لله في أعماله بالملاك ، بل يجب عليه أن يتعبّد يتوجّه لله في العبادة بما يشرعه من أحكام ، وأنّ تبدّل الحكم من حال إلى حال إنّما هو بتبع تبدّل الموضوع لا تبدّل الزمان ، إلاّ أن