إنّ هذا التفسير للمتشابه يبدو غير منسجم مع التفسير السابق للمحكم الذي جاء في العنصر الثاني ، فإنّ الألفاظ التي تستعمل في معاني مختلفة في القرآن لا تحتاج إلى تأويل بالضرورة ؛ إذ ربّما تكون مصحوبة بقرائن تمنح الألفاظ ظهوراً خاصّاً ، فلا يكون معها بحاجة إلى التأويل. وعليه فإنّ هذا التفسير مغاير للتفسير الوارد في بعض الكتب التفسيرية للمحكم والمتشابه والقائل : بأنّ المحكم هو الذي لا يقبل إلاّ تأويلاً واحداً ، أمّا المتشابه فهو الذي يقبل أكثر من تأويل(١).
العلاقة بين (المتشابه) وبين المصطلح القرآني (الأشباه والنظائر) :
إنّ أحد البحوث التي شكّلت منذ عهد قديم عنواناً من عناوين العلوم القرآنية هو بحث (الأشباه والنظائر). وإنّ فنّ الأشباه يرتبط بالألفاظ التي استعملت في مختلف مواضع القرآن في معان مختلفة.
علماً أنّ هناك اختلاف في تفسير مصطلحي الأشباه والنظائر(٢) ، وهو أمر لا يرتبط بمحل بحثنا كثيراً.
وإنّ أقدم كتاب متوفّر في هذا الفنّ يعود لمقاتل بن سليمان البلخي (م ١٥٠ هـ) ، تحت عنوان (الأشباه والنظائر في القرآن الكريم) ، تحقيق : الدكتور
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ٣ ، ص ٢٠٤.
(٢) مقدّمة وجوه القرآن ، تأليف : إسماعيل بن أحمد الحيري النيشابوري ، تحقيق : الدكتور نجف عرشي ، مشهد ، بنياد پژوهشها؟ اسلامي ، ١٤٢٢ ، ص ٣٣ ـ ٣٥.