خلاصة البحث
ونستطيع بعد ذلك أن نقف على مجموعة من النقاط التي يجدر التأكيد عليها وبيان أهمّيتها وهي :
١) إن (مكّة المكرّمة) و (المدينة المنوّرة) كانتا مركزين علميّين وعباديّين لهما خصوصيّتهما وتفرّدهما في العالم الإسلامي ، فالمكانة العظيمة لبيت الله الحرام ولمقام النبي (صلى الله عليه وآله) جعل من هاتين البقعتين الطاهرتين مركزاً يستقطب إليه المسلمين من كلّ مكان بصرف النظر عن مذاهبهم الدينية وانتمائاتهم العقائدية ويغريهم بالتوطّن الدائم ، وهذا ما أفسح لهم مجالاً واسعاً فظهرت في هاتين البقعتين بعد ذلك أنماط من الحوارات العلمية والجدل الرصين بين علماء المذاهب الإسلامية في إطار من الاحترام المتبادل والذي قد لايخلو في بعض وجوهه من المنافسة والحماس العنيف أحياناً ، لكن الجميع ظلّوا يحترمون صيغة التعايش التي يفرضها الانتماء للمكان.
ولم يقف الأمر عند حدود التعاطي العلمي والإفادة من علماء المذاهب الإسلامية الأخرى ـ سواء بالاحتكاك المباشر والشخصي عبر حضور حلقات الدروس أو الاستجازة في طلب الحديث ، أم بشكل غير مباشر من خلال الاستفادة من مضامين كتبهم واستنساخها والتعليق عليها واختصارها أو تهذيبها أو الردّ عليها ـ إنّما تَعَدّاهُ إلى التزاوج المختلط ونشوء المصاهرات وهو ما نجده ، على سبل المثال ، في حالة السيّد أحمد الدشكتي ، والد صاحب سلافة العصر ، حيث تزوّج بنت الشيخ محمّد بن أحمد المنوفي