وسوء اختيارهم ، حيث أخافوه وتركوا نصرته ، ففوّتوا اللطف على أنفسهم.
وردّ بأنّا لا نسلّم أنّ وجوده بدون التصرّف لطف.
فإن قيل : لأنّ المكلّف إذا اعتقد وجوده كان دائماً يخاف ظهوره وتصرّفه ، فيمتنع من القبايح.
قلنا : مجرّد الحكم بخلقه وإيجاده في وقت ما كاف في هذا المعنى ، فإنّ ساكن القرية (١) إذا انزجر عن القبيح خوفاً من حاكم من قبل السلطان مختف في القرية بحيث لا أثر له كذلك(٢) ينزجر خوفاّ من حاكم عَلِم أنّ السلطان يرسله إليها متى شاء ، وليس هذا خوفاً من المعدوم ، بل من موجود
__________________
(١) جاء في حاشية المخطوط للقاضي نور الله التستري ما نصّه : فيه : أوّلاً : أنّ الخوف من الإمام الموجود المترصّد الظهور أكثر من الإمام المترصّد الوجود ، على أنّ عدم خلقه مطلقاً مع ترصّد خلقه يفضي بالمرور إلى زوال الخوف من قلوب المكلّفين.
وثانياً : أنّ اختفاءه عن جميع أوليائه في جميع زمان غيبته ممنوع ، بل الوقوع يكذّبه ، كما يظهر من تصفّح النقول والأخبار. ١٢ طاهر
(٢) جاء في حاشية المخطوط للقاضي نور الله التستري ما نصّه : أقول : لا يخفى عليك أنّ هذا الدليل إنّما يدلّ على وجوب عصمة الإمام في الجملة ، لا على وجوب عصمته مطلقاً ، لجواز انتهاء تلك السلسلة إلى إمام معصوم ، اللهمّ إلاّ أن يقال : لا قائل بالفصل ، فوجوب عصمة الإمام في الجملة يستلزم وجوب عصمته مطلقاً.
ثمّ أقول : يمكن الاستدلال على هذا المطلب بالخلف ، بأن يقال : لو جاز أنّ يكون الإمام غير معصوم لافتقر إلى إمام آخر لما ذكر ، فوجب أن يكون ذلك الإمام الآخر موجوداً معه ، لكونه لطفاً بالنسبة إليه ، واللطف واجب على الله تعالى على ما تقدّم ، وحينئذ يلزم أن لا يكون هذا الإمام إماماً ، ضرورة أنّه لا رئاسة له على إمامه ، فلا يكون رئاسته عامّة. ١٢.