مجرّد احتمال ذلك كاف في دفع الاستدلال ، وما ذكر من أنّ ذلك معلوم ظاهر(١) من قوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْض)(٢)لا يدفع الاحتمال ، لجواز أن يكون الغرض التنصيص على موالاته ونصرته ، ليكون أبعد عن التخصيص الذي يحتمله أكثر العمومات ، وليكون أوفى بإفادة الشرف حيث قرن بموالاة النبي صلّى الله عليه وآله(٣).
ولو سلّم أنّ المراد بالمولى هو الأولى ، فأين الدليل على أنّ المراد هو
__________________
والمحبّة في حقّ أمير المؤمنين بالنسبة إلى المؤمنين أمر معلوم، محقّق في نفسه، مستفاد من الآية، وغير محتاج إلى المبالغة في تبليغه على الوجه الآكد المرعي فيه دقائق المبالغة والاهتمام، فتعيّن حمل المولى على الأولى بالتصرّف، ولا سيّما مع ضميمة المقدّمة التي هي متواترة أيضاً.
وكأنّ المجيب يزعم في جوابه أنّ اللفظ بعد ما اُطلق في أحد معانيه لا يناسب أن يطلق ما يناسبه ويدانيه في الاشتقاق على معنى آخر، وليس كذلك، بل قد يعدّ ذلك من وجوه التحسين البديعية، فالإشعار الذي ادّعاه غير مسموع، خصوصاً مع المقدّمة المتواترة أيضاً ، وأيضاً هو جملة دعائية.
نعم لو كان الاستدلال على تعيين المراد بمجرّد تناسب المقدّمة لم يبعد أن يعارض ذلك بمناسبة مؤخّر الحديث، وقد عرفت أنّه ليس كذلك، بل العمدة في تبيين تعيين المراد هو الاستدلال الثاني.
وإنّما المقدّمة ضميمة الاستدلال وتوطئته، على أنّا نقول: إنّ دلالة مؤخّر الخبر على ما قلناه أولى من دلالته على ما ذكرتم، لأنّ قوله صلّى الله عليه وآله: اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه. أي لا يليق إلاّ بمن كان له أولياء وأعداء ويحتاج إلى النصرة، ويحذر من الخذل، ولا يكون كذلك إلاّ سلطان أو إمام. ١٢ نور الله.
(١) قوله (ظاهر) من (م).
(٢) سورة التوبة : ٧١.
(٣) شرح المقاصد : ٢ / ٢٩٠.