، وكم من لئالى ثمينة حباها غائص هذا البحر فكره السامى ، امطر من سماء فضله على المتأخرين عنه فسالت اودية بقدرها ، ونثر من اغصان كرمه فواكه يانعة فاستمتعوا بخلاقهم من ثمرها.
فحق القول فى حقه قدس الله روحه انه قد انسى فى مراحل البحث والتحقيق من قبله ، واتعب فى مراتب التقوى والاجتهاد من بعده.
وان لشريف وجوده فضلا عظيما وحقا كبيرا جسيما على طلاب هذا العلم ورواد هذا الفن ، فاى سالك طريق الاستنباط ينال ما رامه من غير ورود الى شرعة ما اودعه فى الفقه والاصول؟ واى طالب للتفسير والحديث يصل الى مطلوبه من غير طريق هيأها للورود والوصول؟ فكل من بعده غذى ترف من حصائد آثاره وربيب شرف من نتائج افكاره.
ولقد اصبحت حوزات التشيع العلمية بما كسبت افكاره رهينة ، واستمتع طلابها بوراثة من علومه قيمة ثمينة ، فاورث (ره) من تآليفه بساتين ما زالت الانظار فى تلك الرياض ترتع ، وخلف من علومه مناهل ما برحت الالباب من تلك الحياض تكرع ، فرسائله مكاسب العلوم الرابحة لطلبة الاصول ، ومكاسبه رسائل الحقائق الراهنة لرواد الفقه من الفحول ، فجزاه الله عنا خير الجزاء ما انتفع من آثاره المتدارسون الا ففى ذلك فليتنافس المتنافسون.
ثم ان مرور الاعصار على من سكن فى الليل والنهار وتغاير الزمان وتوارد الحدثان على بنى الانسان ، خاصة خدمة هذا الدين الحنيف وطلاب علم الاصول والفقه وكل مقتف اثر تعاليمهم ومستفيد من حصائد مساعيهم اوجد لاهل العلم مشاغل لم تكن محلا لابتلائهم فى غابر الا وان ، وتجددت لهم حاجات من الامور لم تكن لهم بالحسبان ، وحدثت انواع من المشاغل لم تكن واردة فى ماضى الزمان ، فوجب عليهم بطبع الحال الاطلاع عليها ولزمهم طوعا او كرها الفحص عنها والوصول اليها.