فكم من كتب ضلال لفئة باغية لزمهم الاطلاع عليها وابطال اقاويلها وكم من نشرة وجريدة همهم مطالعتها ودحض اباطيلها ، وكم من اقوام فى شتى نواحى البلاد من المسلمين يعصف عليهم الجهل والحيرة فهم محتاجون اشد الحاجة الى الدعوة الى الهدى والرد عن الضلالة والردى ، لا يمكنهم ترك التصدى لامورهم والاعراض عن تعليمهم ورعايتهم.
اضف الى ذلك ما نراه من اعداء الاسلام فى كل ناحية قريبة وبعيدة من السعى الحثيث وبذل الجهد الجهيد فى تحطيم كيان المسلمين واستيصال شافتهم واخفاء دينهم واخماد ذكرهم ، فصار من الواجب الاكيد على خدمة هذا الدين بقضاء حكومة العقل السليم وصراح تنصيص الذكر الحكيم ان يعدوا فى قبالهم ما استطاعوا من قوة ، وان يرابطوا فى حفظ الشريعة الاسلامية والرسالة الانسانية اشد الرباط وقد قال الله تعالى ﴿ وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
وخلاصة القول ان ملاحظة هذه وغيرها من الامور التى لم تكن لتخفى على العاقل المقبل على شأنه العارف بزمانه الخائف من اخوانه فضلا ، عن غير اخوانه توجب على دارسى العلوم الدينية ان يجددوا النظر فى جميع شئون دراستهم من كتبهم المعدة للدراسة ومدرسيها وطالبى دراستها ، فيختاروا الاقرب من حيث النفع والانسب بملاحظة الزمان والاتم انطباقا على مقتضى الحال بل من الممكن دعواه جدا انه لو شهد المؤلف العلامة زماننا هذا وشاهد حال طلاب العلم وان كتابه قد وقع فى موقع الدراسة الرسمية فصار كتابا درسيا دراسيا فى مرتبة معينة من علم الاصول ومقدمة الفقه لا مرجعا تحقيقيا لمستنبط الاحكام خاصة ، وانه لا غنى عنه عادة لاى محصل ومشتغل ، لقلب الكتاب ظهرا لبطن فاخلصه وثمه ، وهذبه ورمه ، فلم يكن ليبقى منه إلّا عصارة مقطورة او لماظة ميسورة.
اذ يكفى فى كتب الدرس المشتركة فى طريق تحصيل العلوم المختلفة دراسة هذا المقدار ، فيسع بعد الفراغ منه للاصولى الطالب للغور فى علم الاصول