ـ كما سيأتي ـ وقد لا تشملها ، وهي لا تحمل الطابع الشخصي لأصحابها ، بل هي ضمن قواعد قد تتسم بالطابع الشمولي العام.
قال مكي بن أبي طالب : « وأكثر اختياراتهم إنما هو في الحرف إذ اجتمع فيه ثلاثة أشياء :
قوة وجهه في العربية.
وموافقته للمصحف.
واجتماع العامة عليه.
والعامة ـ عندهم ـ ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة ، فلذلك عندهم حجة قوية ، فوجب الاختيار.
وربما جعلوا العامة ما اجتمع عليه أهل الحرمين.
وربما جعلوا الاختيار على ما اتفق عليه نافع وعاصم ، فقراءة هذين الإمامين أوثق القراءات وأصحها سندا ، وأفصحها في العربية ، ويتلوهما في الفصاحة خاصة : قراءة أبي عمرو والكسائي رحمهم الله » (١).
ويبدو مضافاً إلى ما تقدم ، أن لأئمة الإقراء أنفسهم تصرفا يقوم على حسن النظر وأصول الاستنباط ، يتمثل باختيارهم للقراءة التي تنسب إليهم ، فهم يتدارسون القراءات على يد نخبة من التابعين ، ومن ثم يقارنون بين هذه القراءات التي اخذوها ، ويحكمون مداركهم في أسانيدها وأصولها ومصادرها ، فيؤلفون القراءة التي يختارونها بناء على كثرة الموافقات عند أغلب الشيوخ المقرئين. فقد قال نافع بن أبي نعيم ( ت : ١٦٩ ه ) وهو يتحدث عن مشايخه في الإقراء :
« أدركت هؤلاء الخمسة وغيرهم ... فنظرت إلى ما أجمع عليه إثنان منهم فأخذته ، وما شذ فيه واحد تركته ، حتى ألفت هذه القراءة » (٢).
وربما كان المقرئ مخالفا لأستاذه في اختياره للقراءة ، ناظرا في
__________________
(١) مكي ، الإبانة في معاني القراءات : ٤٨ وما بعدها.
(٢) ابن مجاهد ، كتاب السبعة : ٦٢.