ذلك الحدث بتلك العلّة المذكورة(١) ، فعندما تقول مثلاً : (أتيتُ رغبةً في لقائك) ، فإنَّك بذلك تكون قد أَسْنَدتَ الإتيان إلى نفسك مُقَيّداً بسبب خاصّ ، وهو قيدُ الغائيَّة ، والتي تكون قرينة معنوية دالَّةً على المفعول لأجله ، ومقيّدة للإسناد الذي لولاها لكان أَعمّ ، فهو من دونِ سبب أعمّ منه وهو مُسَبِّبٌ ، وتكون دالَّة على جهة فَهْمِ الحَدَثِ الذي يشير إليه الفعل(٢) ، ومثال الاختصاص بالمفعول له في كلام الإمام الحسن عليهالسلام : «اِنَّ اللهَ لَمْ يُطَعْ مَكْرُوهاً ، ولَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً ولَمْ يُهْمِلِ الْعِبادَ سُدىً مِنَ الْمَمْلَكَةِ ، بَلْ هُوَ الْمالِكُ لِما مَلَّكَهُمْ ، والقادِرُ على ما عَلَيْهِ أَقْدَرَهُمْ ، بَلْ أَمَرَهُمْ تَخْييراً ، ونَهاهُمْ تَحْذيراً»(٣) ، إذ قال : (تخييراً ، تحذيراً) مُقيِّداً بها الإسناد الذي لولاها لأصبحَ عامّاً لا تقييد فيه ، فقيَّدَ التخيير بالأمر والنهي بالتحذير.
ومنه أيضاً قول الإمام عليهالسلام : «مَنْ أَدامَ الاْخْتِلافَ إِلَى الْمَسْجِدِ أَصابَ إِحْدى ثَمان : آيَةً مُحْكَمَةً ، وأَخاً مُسْتَفاداً ، وَعِلْماً مُسْتَطْرَفاً ، وَرَحْمَةً مُنْتَظِرَةً ، وَكَلِمَةً تَدُلُّهُ عَلَى الهُدى أَوْ تَرُدُّهُ عَنْ رَدىً ، وَتَرْكَ الذُّنُوبِ حَياءً أَوْ خَشْيَةً»(٤) ، فقيّد الحياء أو الخشية بترك الذنوب ، فلولا هذا التخصيص لكان إعمام ترك
__________________
(١) ينظر : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ١ / ٣٨٢ ، وحاشية ياسين على التصريح ١ / ٣٣٥ ، ومعاني النحو ٢ / ٢٢٩.
(٢) ينظر : اللغة العربية معناها ومبناها ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٨٨.
(٤) بحار الأنوار ٧٥ / ١٠٨.