ملابسهم لأنّها غير طاهرة فقد اقترفوا بها الذنوب ، فالطواف يكون دون ملابس ، والذين يطوفون بملابسهم فقط هم الحُمس ، ولذلك جاء الإسلام بانقلاب اجتماعي وأخلاقي وديني كبير عندما فرض لباس الإحرام فقط على الجميع دون استثناء ودون تمييز نساءً ورجالاً ، فانتهت قُدسية الحُمس وهم كبار قريش وساداتها وقادتها وشجعانها ومَنْ جاورهم ، وارتفع تقدير غيرهم من الذين كانوا يطوفون عُراة. ولباس الإحرام فُرض في الحج كي لا يُميّز مَنْ هو من الحُمس عن غيره ، لأنّ الحُمس كانوا يلبسون أفضل الملابس المُزينة وغيرهم يطوف عارياً ، فغرض لباس الإحرام في الحجّ يعني لا تميّز بين الطبقات ، إذ لا طبقة خاصّة لها لباسها المقدّس وطبقة أخرى من العُراة فعلى الجميع لبس القطعتين المأزر والغطاء ، وهما كالكفن كذلك المكوّن من قطعتين ، فضلاً عن ذلك فقد كان الحُمس يدخلون البيوت من غير أبوابها بل يتسوّرون ، فمنع الإسلام ذلك ، وهذا يؤكّد لنا أنّه لا لباس مقدّس ومحدّد في الإسلام يميّز بين الناس.
والمثال الثاني : هو تفسيره لقوله تعالى : (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)(١) ، قال السيّد علي الحائري «وقالوا : ـ أي الرؤساء للأتباع والسفلة ـ لا تذرُنَّ آلهتكم ولا تَذرُنَّ ودَّاً ولا سُواعاً أي : لا تتركوا عبادتها ... وخصّ عبادة هؤلاء بالذكر فهو من
__________________
(١) سورة نوح : ٢٣.