الإخشيذ غلامه المعروف بفاتك المجنون الممدوح المشهور ـ وقد مدحه المتنبّي ـ فحملهما (أي هذان الملازمان أو الأولياء)(١) ومن يليهما إلى الرحبة وسار بهما على طريق الشام إلى مصر فأقامت الجماعة هناك إلى أن تجدّدت قوّة المستولي على مصر فانتقلوا بكلّيتهم وحصلوا في حيّز سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان مدّة حياته ، واستولى جدّي على أمره استيلاء يشهد به مدائح أبي نصر بن نباته فيه ، ثمّ غلب أبي من بعده على أمره وأمر ولده غلبة تدلّ عليها مدائح أبي العبّاس النامي فيه ، ثمّ شجر بينهما ما يتّفق مثله بين المتصاحبين في الدنيا ففارقه من الرحبة ، وانحدر إلى الأنبار قاصداً مدينة السلام ، فلمّا حصل بالأنبار وجد العراق مضطرباً ، وبهاء الدولة ـ رحمه الله ـ في أوّل أمره غالباً ؛ فخوّف من المقام ، فركب مغرّراً بنفسه قاصداً الشام ليتمكّن من تعرّف أخبارنا وافتكاك أسارنا ، فإنّا كنّا بحلب معوّقين من بعده ، فلقي بمصر الحظوة التي عرفت ، وليتها ما اتّفقت ، فإنّ ختامها كان سمّاً رعافاً ، وعقباها كان بوراً واجتياحاً ، وانتقلت في أثره ، وكانت والدتي من أهل العراق ، ولنا إلى اليوم أملاك بالنعمانية موروثة ، فكنّا بمصر زوّاراً وبالعراق لما انتقلنا إليها قاطنين وأُلاّفاً ، فهذا أوّلاً حديث الأصل الذي وقع الاشتباه ، وتمّ التمويه فيه.
ثمّ ارجع إلى ذكر الدين فإنّي نشأت وغذّيت بكتب الحديث وحفظ القرآن ومناقبة الفقهاء ومجالسة العلماء ، والله ما رأيت قط بتلك البلاد مأدبة
__________________
(١) عبارة النسخة المطبوعة من بغية الطلب كالآتي : «فحملها (محملها) ومن يليهما».