تنزل عمومات حججكما ويتّضح لكما دلالة الخاصّ منها على ما قلته لكما وفيكما فأنتما لو خُلّيتما ونفسيكما التي أوجدها الله سبحانه محمودان جيّدان نقيّان وكذلك تكونان ممدوحين محبوبين عند الله سبحانه من الجهة الأولى التي تعروكما من حيث فعل المتّصف بكما ، نعم تكونان مبغوضين مذمومين ممقوتين عند الله تعالى وعند غيره من أرباب البصائر من الجهة الثانية التي لحقتكما من جهة فعل المتّصف بكما(١).
وبهذا الكلام ختم الغرّاوي كلامه ، في صورة رائعة ، تفرّد بها ، وانماز بين أقرانه ، فهو شاعر كبير ، ونيقد بصير ، من يقرأ شعره يظنّ أنّه يقرأ شعر شاعر من العصور المتأخّرة ، أمّا عن المنطقة التي كتب بها هذه المقطوعة الأدبية ؛ فهي (الدورق) ، وإليها ينتسب خلق كثير.
الدّورق :
جاء في معجم البلدان «دورق : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وراء بعدها قاف : بلد بخوزستان ، وهو قصبة كورة سرق يقال لها دورق الفرس ، قال مسعر بن المهلهل في رسالته : ومن رامهرمز إلى دورق تمرّ على بيوت نار في مفازة مقفرة فيها أبنية عجيبة ، والمعادن في أعمالها كثيرة ، وبدورق آثار قديمة لقباذ بن دارا ، وبها صيد كثير إلاّ أنّه يتجنّب الرعي في أماكن منها لا
__________________
(١) انظر : الصحيفة الاخيرة من المخطوط.