الْغَضَبِ النَّارُ ، وَشَهِدْتُ ألاَّ يَقِرَّ لِي القَرَارُ ، وَكُلَّمَا أُدْلِي لَهُ بِحُرْمَةِ الخِصَامِ مِنْ لَطِيفِ الْكَلامِ ، يُغْلِظُ لِي مَقَالَهُ عِنَاداً وَاسْتِكْبَاراً ، وَيُمْلِي عَلَيَّ مَزَايَاهُ سُموّاً وَافْتِخَاراً ، وَقَدْ حَافَ ، وَظَلَمَ ، وَجَارَ ، وَغشَمَ ؛ فَطَلَبْتُ مِنْهُ الْحُضُورَ بِحَضْرَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِي هُوَّةِ الأَسَفِ والنَّدَمِ وَلاَ يَنْفَعُ حِينئَذ النَّدَمُ ، لِمَنْ قَدْ ظَلَمَ ؛ فَكَأنَّهُ لَمْ يُحِطْ عِلْماً بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلا)(١) ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضاً : (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)(٢) ، فهَبَّتِ القُوَّةُ الْمُتَخَيِّلَةُ للْجَوَابِ كَأَنَّهَا نَشِطَتْ مِنْ عِقَال(٣) ، وَأَخَذَتْ تُكَرِّرُ بِالسُّؤَالِ ؛ فَقَالَتْ لَهُ : وَمَا الذِي أدْلى بِهِ إِلَيْكَ ، وافْتَخرَ فِيهِ عَلَيْكَ حَتَّى جِئْتَ مِنْهُ مُتَظَلِّماً شَاكِياً ، وَتَطْلُبُ وَازِراً وَمُحَامِياً؟!! ؛ فَقَالَ لَهَا : سَلِيهِ عَنْ تَحَقُّقِ مَا قُلْتُهُ فِيهِ ، وَإِنِّي لَمْ أَقْتَرِفْ كَذِباً فِيْ
__________________
(١) هذا هو النصّ الصحيح للآية : أمّا ما ذكره الشيخ رحمهالله في المتن (يوم يعضّ الظالم على يديه ويقول ليتني اتّخذت مع الرسول سبيلا ليتني لم أتّخذ البغيَّ خليلا). على طريقة ابن مسعود رحمهالله بذكر التفسير ممزوجاً والآية الكريمة ، فاختلط عند بعضهم أنّه أضاف كلمات للآية المكرّمة. فهو من التأويل لا التنزيل ، وللمزيد ينظر : تفسير البرهان ٣/ ١٦٢ ، حديث : ٤ ، البحار ٢٤/١٨ ، حديث : ٣١.
(٢) هذا هو النصّ الصحيح للآية الحج/ الآية : ٦٠ : أمّا في المتن ؛ (ومَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إنّ اللهَ على نَصْرِهِ لَقَدِيرٌ). والكلام في هذه الآية هو عينه في الآية السابقة.
(٣) قوله : نشطت من عقال أي حلّ يقال أنشطت العقدة حللتها ونشطتها عقدتها بأنشوطة. غريب الحديث ، ابن قتيبة ١/١٦٣. وهو ممّا انفرد بذكره النبىّ (صلى الله عليه وآله).