مَا(١) نَسَبْتُهُ إِلَيْهِ ، وَادَّعَيْتُ بِهِ عَلَيْهِ ، وَسَيَبِينُ لَكِ أَنِّي المَظْلُومُ لَدَيْهِ ؛ فَالتَفَتَتْ إِلَى مَنِ اسْمُهُ الغِنَى بَاسِمَةً ؛ فَقَالَتْ : أَصَحِيحٌ مَا نَسَبَهُ إِلَيْكَ وَادَّعَاهُ عَلَيْكَ؟ فَأجْرى الغِنَى بِحَضْرَتِهَا كَلاماً كَسَيْلِ الْجَنَّتَينِ(٢) ، وَهُوَ عَلَى قَلْبِ الْفَقْرِ أَشَدُّ أَلَماً مِنْ حَزِّ الْمُدَى ، وَوَخْزِ السُّمْرِ : إِنَّ مَا قُلْتُهُ فِي حَقِّهِ وَبَيَّنْتُهُ مِنْ شَأْنِهِ فِي الظُّهُورِ كَالنُّورِ عَلَى الطُّورِ بِحَيْثُ لاَ يَرْتَابُ فِي صِدْقِي كُلُّ مَنْ وَعَاهُ سَمْعُهُ ، وَلاَ يَمُجُّهُ لَوْ تَأَمَّلَهُ طَبْعُهُ ، فَآثَارُهُ عَلَى مَنْ لازَمَهُ ظَاهِرَةٌ ، وَلَوَازِمُهُ لِمَنْ اتَّصَفَ بِهِ بَادِيَةٌ سَافِرَةٌ ، وَنَاهِيكَ دَلِيلا كَافِياً فِي صَحَّةِ مَا قَدْ قُلْتُ ، وَبُرْهَاناً شَافِياً فِي صِدْقِ مَا بِحْقِّهِ قَدْ أَبْدَيتُ.
(فِي مَسَاوِي الْفَقْرِ)
مَا رُوِيَ مِنْ قَولِهِ (صلى الله عليه وآله) : (الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الأَكْبَرُ)(٣) ، وَقَوْلُهُ (صلى الله عليه وآله) أَيْضاً : (الْفَقْر أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)(٤) ، وَقَوْلُ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلِ عليهالسلام عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبىِّ (صلى الله عليه وآله) : (يَا رَبِّ الفَقْرُ إلىَّ أَشَدُّ مِنْ نَارِ نُمْرُودَ)(٥) لـَمَّا قَالَ لَهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ
__________________
(١) المشهور كتابتها (فيما) ، والصواب الفصل بين (في) و (ما) لأنّ (ما) موصولة وحقّها التمكّن في الكتابة. وتصحيحها في كلّ المخطوط هكذا.
(٢) هذه الكلمة غير واضحة في المخطوط ، ويبدو أنّ الشيخ رحمهالله اقتبسها من نهج البلاغة (ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً ـ يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ كَسَيْلِ الْجَنَّتَيْنِ ..). ينظر : نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح : ٢٤١.
(٣) في الخصال للصدوق : ٦٢٠ ، الحديث لأمير المؤمنين. وكذا في معارج نهج البلاغة للبيهقي : ٤٣٥ ، مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء : ١٦٧.
(٤) البحار ٦٩/٤٧ ، وفي جامع الأخبار ٢٩٩/٨١٦ نسبه لأمير المؤمنين.
(٥) البحار ٦٩/٤٧.