وقد ذهب الوزير المغربي إلى مكّة ، ثمّ عاد منها إلى الرملة بصحبة أمير مكّة ، وحيث تخوّف الحاكم من هذه التحرّكات بذل أموالاً طائلة لاجتذاب ابن الجرّاح إلى صفّه ، ولذلك فقد أعرض ابن الجرّاح عن أبي الفتوح ، فعاد أبو الفتوح إلى مكّة ، وهرب الوزير المغربي إلى العراق ، وأقام هناك عند فخر الملك في واسط ، وقد حظي الوزير المغربي باحترام فخر الملك ، وقد عمل الأخير على إزالة سوء ظنّ الخليفة العبّاسي به ، وبعد مقتل فخر الملك انتقل الوزير المغربي إلى بغداد ، ثمّ توجّه بعد ذلك إلى الموصل ليتولّى الكتابة والوزارة للأمير قرواش(١).
وقد أشار ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ ضمن أحداث سنة ٤١١ للهجرة إلى إلقاء قرواش القبض على الوزير المغربي ، واحتيال الوزير عليه وهروبه من سجنه ، حيث قال ما نصّه : «في هذه السنة قبض معتمد الدولة قرواش بن المقلّد على وزيره أبي القاسم المغربي ... وأمّا المغربي فإنّه خدع قرواشاً ، ووعده بمال له في الكوفة وبغداد فأمر بحمله ، وترك»(٢).
وقال في بيان أحداث سنة ٤١٤ للهجرة : «في هذه السنة قبض مشرف الدولة على وزيره مؤيّد الملك الرخجي في شهر رمضان .... واستوزر بعده أبا القاسم الحسين بن عليّ بن الحسين المغربي ، ومولده بمصر سنة سبعين
__________________
(١) لقد وردت أخبار الوزير المغربي في العديد من المصادر ، ولكنّنا اعتمدنا في الغالب على «معجم الأدباء» ، ج ١٠ ، ص ٨٣.
(٢) عزّ الدين بن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٥ ، ص ٦٥١ و ٦٥٢.