والعفو قد يكونان غير صواب ولا حكمة ، فالإطلاق لا يدلّ على الحكمة والحسن ، والوصف بـ (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يشتمل على العذاب والرحمة إذا كانا صوابين.
وقال الحسين بن عليّ المغربي : رأيت على باب دار بمصر في موضع يقال له (بيطار بلال) معروف لوحاً قديماً من ساج عليه هذا العشر(١٤٢) وفيه : فإنّك أنت الغفور الرحيم وتاريخ الدار سنة سبعين من الهجرة أو نحوها ولعلّها باقية إلى اليوم»(١٤٣).
٤٤ ـ (وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِر يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)(١٤٤).
«وفي قوله (يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) أقوال : أحدها أنّ قوله بجناحيه تأكيد ... وقال قوم : إنّما قال ذلك ليدلّ على الفرق بين طيران الطيور بأجنحتها وبين
__________________
(١) جاء في حاشية طبعة جامعة المدرّسين : (كذا ولم نتحقّق المراد من العشر المشار إليه ، ولعلّه تصحيف). ويحتمل أن يكون المراد منه الآيات العشر ، ابتداءً من قوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ) إلى هذه الآية. والآيات التسع الأولى تتعلّق بالحوار بين الله والنّبيّ عيسى بن مريم عليهالسلام والحواريّين. والآية الأولى طبقاً لبعض الاحتمالات ذات صلة بهذه المجموعة من الآيات. وجاء في القاموس : (عواشر القرآن الآي التي يتمّ بها العشر) ، فيحتمل أن يكون النصّ الآنف مرتبطاً بهذه المفردة ، وإنّ المراد من (العشر) هو الآية العاشرة من هذه الآيات ، وهي الآية مورد البحث.
(٢) تفسير التبيان ، ج ٤ ، ص ٧٢ ، (ج ٥ ، ص ٤٩٦). جدير بالذكر أنّ نقل كلام الوزير المغربي هنا يقوّي احتمال أن تكون الفقرة السابقة (وقيل : معناه ...) من كلام المغربي ، خاصّة بعد الالتفات إلى عبارة : (ولو قال الغفور الرحيم ...).
(٣) الأنعام : ٣٨.