ثانياً : التناص اصطلاحاً :
تعدّ جوليا كريستيفا أوّل باحثة تتناول مفهوم التناص في النقد الحديث بصورته النهائية ؛ وعلى أساس ذلك لا يمكن أن نتجاوز تعريفها للتناص ، وإن كان الباحثون بعدها قد تناولوا النظرية إضافة وتعديلاً ، إذ «قدّمت التناص من نظريتها القائلة : إنّ كلّ نصّ يتألّف من فسيفساء من الاقتباسات ؛ فكلّ نصّ هو امتصاص وإعادة تشكيل لنصوص أخرى ، أدخلت في النصّ بتقنيات مختلفة»(١) ، وقالت إنّه «ترحال للنصوص ، وتداخل نصّيٌّ ، ففي فضاء نصّ معيّن تتقاطعُ وتتنافى ملفوظات عديدة مقتطعة من نصوص أخرى»(٢) ، وتقول : إنّ التناص هو «تقاطع بلاغات في نصّ مأخوذ من نصوص أخرى» ، «وهو تعديل نصوص سابقة»(٣).
فهي ترى ـ إذن ـ أنّ (النصّ إنتاجية) ، وهو «جهاز عبر لساني يعيد توزيع نظام اللسان بواسطة الربط بين كلام تواصلي يهدف إلى الإخبار المباشر وبين أنماط عديدة من الملفوظات السابقة عليه أو المتزامنة معه»(٤).
وسنحيل تطوّر المصطلح بعد جوليا كريستيفا إلى المبحث التالي الذي
__________________
(١) التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ٣٨ ـ بتصرّف ، علم النّصّ : ١٣ ، ١٩ ، ٢١ ، ٢٦ ، ٣١ ـ ٣٥ ، ٤٩ ، ٧٨ ـ ٧٩.
(٢) علم النّصّ : ٢١.
(٣) التّناصّ ذاكرةُ الأدب : ٩ ـ بتصرّف.
(٤) علم النّصّ : ٢١ ـ بتصرّف.