نصّ هو تشرّبٌ لعدد من النصوص السابقة أو المعاصرة(١).
رابعاً : التناصّ في التراث العربي :
بعد أن تعرّفنا إلى ملامح التناصّ في الدراسات الحديثة ، ينتقل الحديث إلى وجود هذه النظرية في التراث العربي ؛ والفاحص الباحث إذا أنعم النظر في التراث وجد أنّ ملامح هذه النظرية قد وجدت فيه ، ويمكن ـ في هذا المورد ـ الاستشهاد بقول ابن المظفر الحاتمي المتوفّى سنة (٣٨٨ هـ) من كتابه حلية المحاضرة ؛ إذ يقول ناقلاً عمّن سمع منهم : «كلام العرب ملتبّس بعضه ببعض ، وآخذ أواخره من أوائله ، والمبتدَع منه والمخترَع قليل ، إذا تصفّحته وامتحنته ، والمحترس المتحفّظ المطبوع بلاغة وشعرا من المتقدّمين والمتأخّرين لا يسلم أن يكون كلامه آخذاً من كلام غيره ، وإن اجتهد في الاحتراس ، وتخلّل طريق الكلام ، وباعد في المعنى ، وأقرب في اللفظ ، وأفلت من شباك التداخل ، فكيف يكون ذلك مع المتكلّف المتصنّع والمتعمّد القاصد .... ومن ظنّ أنّ كلامه لا يلتبس بكلام غيره ، فقد كذب ظنّه ، وفضحه امتحانه ..»(٢).
ويقترب من جوهر نظرية التناص ما أورده العلاّمة ابن خلدون في
__________________
(١) التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ٦٤ ـ بتصرّف.
(٢) حلية المحاضرة في صناعة الشّعر ٢/٢٨ ـ بتصرّف.