أنّها تتمخّض عن (بذور) لأجيال نصوصية تتولّد عنها»(١) ، وهذا ما أشار إليه هارولد بلوم ، فهو يرى أنّ العلاقة بين النصوص ليست علاقة نسب فحسب ؛ بل إنّه يرى أنّ علاقة النسب هذه هي علاقة أوديبية ، علاقة يريد في النصّ أنْ يدمّر النصّ السابق عليه ، ويستولي على مملكته(٢).
«ودراسة التناص ليست بأيّ حال من الأحوال دراسة للمؤثّرات أو المصادر أو حتّى علاقات التأثير والتأثّر بين نصوص وأعمال أدبية معيّنة ، فهذا مجال الأدب المُقارن ، ولكنّها دراسة تطرح شبكتها الرهيفة الفاتنة على محيط أوسع ، لتشمل كلّ الممارسات المتراكمة وغير المعروفة ، والأنظمة الإشارية ، والشفرات الأدبية ، والمُواضَعات التي فُقدت أصولها وغير ذلك من العناصر التي تساهم في إرهاف حدّة العملية الإشارية التي لا تجعل قراءة النصّ ممكنة فحسب ، ولكنّها تؤدّي إلى أفقه الدلالي والرمزي معاً»(٣).
ونستطيع أن نقول إنّ المبادئ والأفكار التي تطرحها عملية التناصّ ، أهمّها : أنّ التناص ، في معناه العام ، هو حضور أو تداخل نصّ في آخر بشكل من الأشكال ، وأنّ كلّ نصّ هو نتاج تفاعل عدد من النصوص ، وكلّ
__________________
(١) ثقافة الأسئِلة (مقالات في النّقد والنّظريّة) : ١١٣.
(٢) التّناصّ وإشاريّات العمل الأدبيّ ، مجلّة ألِف (عدد خاصّ عن التّناصّ) : ٢٥ ـ ٢٦ ـ بتصرّف ، ولمزيد تفصيل انظر : التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ١٧ ـ ١٩.
(٣) التّناصّ وإشاريّات العمل الأدبيّ : ٢٣.