خطبه ، وقد يكون هذا النوع من التناصّ صريحاً ظاهراً يستطيع أن يصطاده المتلقِّي من دون أن يُنعم النظر ، وقد يكون خفياً بين تضاعيف السطور ؛ يحتاج إلى وعيِ المتلقّي واطّلاعه على الشعر العربي ، وهنا نستطيع أن نستشهد على هذا النوع من التناصّ من خلال أبيات نظمها الشيخ في خطبة عيد الأضحى عام (١٠٣٣ هـ) ، إذ يقول : «... وأنتم في دار لا يشبع ساغبها ولا يُروى لاغبها ، ولا يثق صاحبها ، ولا يأمن راكبها ، تراوغه مراوغة الثعلب ، تفترسه افتراس السبع وأصعب ، تتلوّن له في ثياب الأحباب ، وهي قائمة له على ساق وكاشرة له عن ناب :
أيُّها الواقِفُ في سَمْتِ الصَّواب |
|
خَفِّفِ الوَطْءَ على هذا التُّرابْ»(١) |
يرى القارئ أنّ في هذا النصّ ـ وخاصّة في البيت أعلاه ـ تناصّاً صريحاً مع داليّة أبي العلاء المعرّي وعلى وجه التحديد مع بيته القائل :
خَفِّفِ الوَطْءَ ما أظُنُّ أديمَ الــ |
|
ـ أرْضِ إلاّ من هذه الأجسادِ(٢) |
ونرى تناصّاً غير صريح في أبيات هذه الخطبة ـ أيضاً ـ مع بعض أبيات داليّة المعرّي ؛ إذ يقول الشيخ :
«أيُّها الرَّاقِدُ في دارِ البلا |
|
انظروا القومَ وقَدْ حَثَّ الرّكابْ |
خُذْ من الزَّادِ مَزاداً واجتَهِدْ |
|
ليسَ بعدَ اليومِ من دار نصابْ |
...
__________________
(١) المخطوط : ٤٦.
(٢) ديوان سَقْطُ الزَّند: ٧.