وبالخصوص النملة والجرادة(١) ويسير الشيخ على الأثر الذي رسمه الإمام عليهالسلام في هاتين الخطبتين ؛ فالإمام عليهالسلام يبدأ في الخطبتين بمقدّمة قصيرة عن خلق الله للمخلوقات باختلافها ، وتفضله (جل وعلا) بآلائه ونعمه ، ثمّ يذكر موصوفه ، إلى أن ينتهي بالوعظ.
ولا بأس من إيراد بعض المقاطع من خطبة الإمام عليّ عليهالسلام التي يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس ؛ يقول : «ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات ، وساكن وذي حركات ، فأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له ، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته ، وما ذرأ من مختلف صور الأطيار التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها ، ورواسي أعلامِها ، من ذات أجنحة مختلفة ، وهيئات متباينة ، مصرّفة في زمام التسخير ، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح ، والفضاء المنفرج ، كوّنها بعد أنْ لم تكن في عجائب صور ظاهرة ، وركّبها في حقاق مفاصل محتجبة ، ومنع بعضها بعبالة خلقه أن يسمو في السماء خفوقا ، وجعله يدفّ دفيفاً ، ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته ودقيق صنعته ، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غُمس فيه ، ومنها مغموس قد طوّق بخلاف ما صُبغ به ، ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل ، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد ،
__________________
(١) المصدر السّابق ٢/٣٢٨ ـ ٣٣٠.