لانفكاك دلالة المطابقة عن دلالة الالتزام ، وهو فيما يبدو ممّا يعسر التمثيل له مع إمكانه عقلاً ، أي ربّما وجدوه ممكناً نظريّاً أو عقليّاً (بحسب القسمة العقلية) ، مستصعباً في الواقع ، وأمّا انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة التضمّن فإنْ لم يمثّل له الشيخ بمثال فإنّ غيره فعل ذلك ، كقطب الدين الرازي في شرح المطالع(١) إذْ مثّل له بـ : (الوحدة) و (النقطة).
كما أنّ الشيخ عبّر عن دلالة المطابقة بالدلالة (الوضعية)(٢) فقط من دون ذكر (دلالة المطابقة) أو حتّى (اللفظية) ؛ وذلك لدلالة المقام ، لا سيّما وأنّه قد ذكر سابقاً أنّ دلالة المطابقة هي (الوضعية صرفة) ، وسواها بشركة من الوضع والعقل.
إذا عرفنا نسبة دلالة المطابقة إلى دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، ونسبة الأخيرتَيْن إلى الأولى ، بقي أنْ نعرف نسبة كلّ واحدة منهما إلى الأخرى ، وهذا ما يقرره الشيخ بإيجاز شديد ، فلا يجب أنْ تلزم كلّ واحدة منهما الأخرى ، بل قد تنفكّان وقد تجتمعان ، فقد يكون من المعاني المركّبة ما لا لازم لها ، فتوجد دلالة تضمّن من غير دلالة التزام ، كما قد يكون للمعنى البسيط لازماً ، وهنا دلالة التزام من غير دلالة تضمّن ، فانفكّت دلالتا التضمّن
__________________
(١) شرح المطالع للرازي ١/ ١٣٤.
(٢) يقول الشيخ مَيْثَم : «ثمّ أنّهما مستلزمتان للدلالة الوضعية من غير عكس» شرح نهج البلاغة ١/٦.