وقع الخلاف بين العلماء في انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة الالتزام ، فقد منعه بعضهم ، وهو ما عليه (الأكثرون) كما يقول الهندي(١).
ويبدو أنّ حقيقة الخلاف هو في جعل (اللازم البيّن) شرطاً لتحقّق دلالة الالتزام ، فمَن منع انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة الالتزام لم يشترط أنْ يكون
اللازم بيّناً(٢) ، بل اكتفى بعموم اللزوم ، بيّناً كان أو غير بيّن ، أي سواءٌ أكان تصوّر الملزوم كافياً لتصوّر اللازم من غير الحاجة إلى تصوّر شيء آخر خارج إطار اللازم والملزوم والنسبة بين بينهما ، أو كان ذلك مفتقرٌ إلى برهان أو مقدمة خارج ذلك الإطار.
وعلى ذلك ، فإنّ النسبة بين دلالة المطابقة ودلالتَيْ التضمّن والالتزام هي (عموم وخصوص مطلق) ، كما هو لفظ أهل المنطق(٣) ، فكلّ دلالة تضمّن ودلالة التزام تستلزم دلالة المطابقة ، وبعض دلالة المطابقة يستلزم دلالتَيْ التضمّن والالتزام.
هذا وينبغي لنا الالتفات إلى أنّ الشيخ مَيْثَم لم يمثّل لانفكاك دلالة المطابقة عن دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، ولم أجد فيما وقعت عليه أي تمثيل
__________________
(١) نهاية الوصول للهندي : ١٢٣.
(٢) يقول الهندي في نهاية الوصول : ١٢٣ : «ومنهم من جوّزوا الانفكاك زاعماً أن شرط دلالة الالتزام أن يكون اللازم بحيث يكون تصوّره لازما لتصوّر الملزوم. وهو ممنوع فيما ذكر من اللازم ...».
(٣) راجع : تحرير القواعد المنطقية للرازي : ١٧١ وبعدها ، والمقرّر للحيدري ١/ ١٠٧ وبعدها.