وهو باطل ، وبيانه أنّ دلالتَيْ التضمّن والالتزام يتوقّف وجودهما على وجود دلالة المطابقة ، فهما متأخّرتان عنها ، ودلالة المطابقة يتوقّف وجودها عليهما ، فهما متقدّمتان عليها أيضاً! وهو واضح البطلان.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لجواز انفكاك دلالة المطابقة عنهما. أمّا انفكاكها عن دلالة التضمّن فذلك إذا كان مدلول اللفظ بسيطاً لا جزء له ، أي أنّه غير مركّب من أجزاء حتّى يدلّ ذكر اللفظ على جزء معناه ، وقد مثّل بعضهم بـ : (النقطة)(١).
وأمّا انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة التضمّن فذلك إذا لم يكن لمدلول اللفظ (لازمٌ بيّن) ، واللازم البيّن هو «الذي يكفي تصوّره مع تصوّر ملزومه في جزم العقل باللزوم بينهما»(٢) ، أي «أنّ إدراك اللازم لا يحتاج لأكثر من تصوّر الملزوم»(٣).
فاللازم البيّن إذن شرطٌ لتحقّق دلالة الالتزام ، وهو ما سنجده فيما بعد ، وبانتفائه تنتفي الدلالة الالتزامية. هذا ما ذهب إليه الشيخ مَيْثَم البحراني ، وقد
__________________
(١) نفس المصدر ١/١٣٤.
(٢) تحرير القواعد المنطقية للرازي : ١٥٦.
(٣) المعجم الأصولي : ٨٥٢ هكذا ، والحقّ أنّ الفعل (احتاج) يتعدى بـ : (إلى) لا بـ : (اللام).
ويقابله (اللازم غير البيّن) وهو الذي يفتقر في جزم الذهن باللزوم بينهما إلى واسطة ومقدّمة خارجة عن إطار تصوّر اللازم والملزوم والنسبة بينهما. راجع : تحرير القواعد المنطقية للرازي : ١٥٦ ـ ١٥٧ والمعجم الأصولي لصنقور : ٨٥٣.