والعقل ، ولعلّ الإمام قد نظر إلى انتقال العقل في هاتَيْن الدلالتَيْن وهو الجزء المميّز لهما من دلالة المطابقة فأطلقه من دون منع تدخّل الوضع ، وهو حينئذ من باب تسمية الشيء باسم بعضه.
إذا صحّ ما نذهب إليه ، فيمكننا إضافة الإمام الرازي إلى قائمة القائلين بهذا المذهب الرابع ، وربّما غيره ، فهو مع تصريحه بكونهما عقليّتَيْن إلاّ أنّ مضمون كلامه يخالف ذلك كما بيّنّا.
بعد ذلك ينتقل الشيخ مَيْثَم البحراني لبيان النسب بين الدلالات الثلاث ، ويبدأ باستلزام دلالتَيْ التضمّن والالتزام لدلالة المطابقة ، أي أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن متوقّفتان على دلالة المطابقة ومتفرّعتان منها ، وهو ما ذكرناه مِن أنّ حصول هاتَيْن الدلالتَيْن متوقّف على ارتسام المعنى المطابقي في الذهن ، أو يمكن أنْ يقال كما ذكر بعضهم : «أنّهما مستلزمتان للوضع وهو مستلزم للمطابقة فيستلزمانها»(١).
ولا تنعكس هذه النسبة ، أي أنّ دلالة المطابقة لا تتوقّف على هاتَيْن الدلالتَيْن أو على إحديهما ، وهو واضح ممّا ذكرناه ، فالأصل لا يتوقّف على الفرع ، «والتابع مع حيث إنّه تابع لا يوجد بدون المتبوع»(٢) ، وإلا لزم الدور ،
__________________
(١) شرح المطالع للرازي ١/١٣٣ ـ ١٣٤.
(٢) شرح المطالع للرازي ١/١٣٠ ، هكذا ، والصحيح أنْ يقول : (دون) أو (من دون).