التضمّنية والالتزامية للمطابقية ، وهو تسليمٌ منهم بتدخّل الوضع في هذه الدلالات بغضّ النظر عن مقدار هذا التدخّل.
أمّا إذا أرادوا من قولهم إنّهما دلالتان عقليّتان أنّ العقل عند تصوّر معنى اللفظ الموضوع له ينتقل منه إلى جزئه أو إلى لازمه ، فهو الحقّ ، وخلاف حينها بين الشيخ مَيْثَم وهؤلاء ، فلا تكون هاتان الدلالتان ـ والحال كذلك ـ عقليتان بالصرف ، بل يشترك فيهما الوضع والعقل ، فالأصل فيهما الوضع (في دلالة المطابقة) ،يأتي دور العقل في الانتقال من ذلك الوضع إلى المعنى الآخر الجزئي أو اللازم.
بناءً على ما تقدّم ، يمكننا الآن اقتراح مذهب رابع في الخلاف حول دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، وهو أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن (بالاشتراك بين الوضع والعقل) ، وممّن قال به الشيخ مَيْثَم البحراني ونصير الدين الطوسي في شرح الإشارات(١).
وبالنظر في رأي الإمام الرازي الذي ناقشه الشيخ مَيْثَم ، نجد الإمام مسلّماً بتدخّل الوضع في هاتَيْن الدلالتَيْن ، أعني التضمّنية والالتزامية ، إذْ يعلّل كونهما (عقليّتَيْن) أنّ «اللفظ إذا وضع للمسمّى انتقل الذهن من المسمّى إلى لازمه ...»(٢) ، وهذا ما يتوافق مع كلام الشيخ مَيْثَم في الشركة بين الوضع
__________________
(١) الإشارات والتنبيهات لابن سينا ، الحاشية ١/١٣٩.
(٢) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٣٠٠.