مكانتهم العلمية.
والإمام الرازي في محصوله(١) يقرّر أنّ دلالة المطابقة دلالةٌ وضعية ، أمّا دلالتَيْ التضمّن والالتزام فعقليتان ؛ لأنّ اللفظ إذا وضع للمسمّى انتقل الذهن من المسمّى إلى لازمه. ولازمه إنْ كان داخلاً في المسمّى فهو (التضمّن) ، وإنْ كان خارجاً فهو (الالتزام).
والشيخ مَيْثَم بعد أنْ يصرّح أنّ دلالة المطابقة هي الدلالة الوضعية الصِرفة ، يأخذ في مناقشة رأي الإمام ، فإنّهم ـ أي أصحاب هذا الرأي ـ إنْ أرادوا أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن حاصلتان بالعقل الصرف من غير مشاركة الوضع فهو واضح البطلان ، فهاتان الدلالتان معتمدتان في أصل وجودهما على دلالة المطابقة ، وهي دلالة وضعية صرفة دون نزاع ، ولولا ارتسام المعنى في الذهن الناتج عن وضع اللفظ بإزاء المعنى لما كانت هاتان الدلالتان حاصلتَيْن ، فحصول هاتَيْن الدلالتَيْن متوقّف على ارتسام المعنى المطابقي في الذهن.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يصرّح هؤلاء الفضلاء أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن من دلالات الألفاظ ، هذه الألفاظ التي يحرصون على التنبيه إلى كونها (الموضوعة) دون سواها من الألفاظ ، أي دون الألفاظ الناتجة من الدلالتَيْن العقلية والطَبَعية ، وهذا يعود بنا إلى ما أسلفناه عن تبعية الدلالتَيْن
__________________
(١) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٢٩٩ ـ ٣٠٠.