المؤمنين عليه السلام بدار له في المدينة في بني زريق فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدّق به عليّ بن أبي طالب وهو حيٌّ سويّ تصدّق بداره التي في بني زريق صدقة لا تباع ولا توهب حتّى يرثها الله والذي يرث السماوات والأرض وأسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن وعاش عقبهن ، فإذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين»(١).
وهذا الحدّ من الوقف من الأمور المتّفق عليها من الناحية الفقهية بين جميع العلماء ، بغضّ النظر عن اتّجاهاتهم الفكرية ، ومدارسهم الفقهية.
وكان المعتاد في الموقوفات أن تكون منازل أو الأراضي الزراعية ، أو محلاّت تجارية ، أو مراكز دينية كالمساجد وغيرها.
ثمّ استحدث بعداً آخر للوقف وهو وقف الكتب ، الذي بدأ بوقف المصاحف في المساجد على الدرس والقراءة ، ثمّ تطوّر فشمل الكتب الفقهية والروائية والعقائدية التي تخدم الغرض الديني نفسه ، حتّى أصبحت توقف المكتبات والخزائن الخاصّة على المكتبات العامّة كمكتبات الحرمين الشريفين ، وموقوفات العتبة الرضوية والعلوية والحسينية والعبّاسية وغيرها.
ـ ومنها ما هو وقف على طلاّب العلم أو الذرّية ، كلّ ذلك من أجل استمرار الإفادة منها على مدى الأيام والأزمان ، وفي تراثنا الأحسائي رغم ضياع معظم التراث المكتوب وتشتّته بين المكتبات العامّة والخاصّة ، فما بين أيدينا من شواهد ودلائل يثبت وجود عناية وحرص على وقف الكتب وتقييد
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٣ / ٣٠٤ ، باب ٦ من أحكام الوقوف والصدقات ، حديث ٤.