فقهيّتين عرفتا بالخلاف الشديد في وجهة النظر فيما يتعلّق بعملية الاستنباط الفقهي سواء أكان من حيث ضبط الأدلّة وتحديدها أم من حيث طريقة التعامل معها وكيفيّة الاستدلال بها على الأحكام الفرعية الفقهية.
وفي هذا الصدد أرى أنّ من المناسب الإشارة إلى ما قام به الشيخ خالد العطية من دراسة له قيّمة خصّصها عن حياة المحدّث البحراني وعن سيرته العلمية وعصره وعصر مدرسته الأخبارية، وذكر أبرز علماء تلك المدرسة وما يميّزها عن المدرسة الأصولية فقهاً وطريقةً واستنباطاً ، وكذا تطرّق لبيان منهجه في كتابه الحدائق سواء أكان في بحث مسائل الكتاب المتفرّقة وطريقة استنباط الحكم الشرعي منها على ضوء منهجه الأخباري ، أم في الخصائص العامّة للكتاب، والتي تميّزه عن غيره ممّا كان قد أُلِّف في هذا الحقل الفقهي لعلماء آخرين بما في ذلك الأخباريّين منهم ، وقد أشار في هذا الصدد إلى نكات مهمّة لعلّه لم يكن قد أشير إلى الكثير منها ـ حسب التتبّع القاصر ـ من قِبَل أحد ممّن سبقه ، وبذلك يُعدّ ما قدّمه في بحثه ودراسته تلك جهداً موفّقاً.
كما وأُشير أيضاً لما كتبه يراع المحقّق السيّد زهير الأعرجي في هذا المجال ، إذ تطرّق هو الآخَر ولكن بنحو الاختصار وفي بضع صفحات لمنهجية كلٍّ من صاحب الحدائق والجواهر ، وذلك في ضمن دراسة له مُمَنهَجة ومفصَّلة خصّصها عن بيان مناهج الفقهاء في المدرسة الإمامية ، موضِّحاً خلالها منهجيّتهما في كلٍّ من الكتابين المذكورين عن طريق ذكر بعض التطبيقات التي أوردها من نصّ الكتاب ، وأيضاً يُعدّ ما قام به على اختصاره جهداً مشكوراً.