فهو بإجماله فصيل وفي تفصيله جميل ، سيّما كتاب القضاء وما فيه من الفصل والقضاء ، فقد اشتهر بين الفضلاء أنّه لم يكتب مثله.
ثمّ إنّه لايدع برهاناً أو دليلا إلاّ واستقراه واستقصاه إثباتاً لمختاره ومدّعاه ، غير غافل عن التعرّض لما تمسّك به للأقوال الأخرى من الوجوه والأسانيد ، خائضاً فيها خوض البحر المتلاطم ، ناقضاً عليها بألوان الوجوه والحجج ، ولعلّ ما يكسب الكتاب قيمة ومكانة تفرّسه رحمهالله في سائر العلوم كالفلك والرياضيّات ، وترى آثار هذه المقدرة الفذّة بارزةً في بحث القِبلة وكتاب الفرائض والمواريث وغيرها من المباحث التي اشتمل عليها الكتاب.
والمشهور والمعروف عن مستند الشيعة أنّه اختصّ وامتاز بكثرة تفريعاته إلى غاية ما يمكن ، وذلك بعد تحقّق أصل المسألة عنده وإثبات مشروعيّتها ، وتراه على سبيل المثال لا الحصر في مبحث الخمس لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من أهله عليهالسلام دون غيرهم يذكر أوّلاً اعتبار السيادة أو عدمها ، ثمّ يعرِّف السادة ويبيّن أدلّة استحقاقهم الخمس ، ثمّ يتناول كيفية النسبة إلى بني هاشم ، هذا مع أنّه يذكر لكلّ فقرة من فقرات البحث الأقوال المختلفة فيها مع ذكر أدلّتها ، ثمّ الإشكال والردّ على المخالف منها وتدعيم وتوجيه المختار ، وحكي عن الفقيه المتتبّع السيّد محمّد كاظم اليزدي الطباطبائي صاحب الأثر الجليل العروة الوثقى أنّه كان يراجع كتاب المستند في تفريعاته الفقهية ويأمر تلامذته بالاستخراج منها(١٥).
__________________
(١) انظر : مقدّمة مستند الشيعة ، الطبعة الحجرية : ٢. و : مقدّمة مستند الشيعة ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام : ١٢. و : مناهج الفقهاء ، مجلّة تراثنا ، العدد ١٠٢ / ٤٣.