السيّاري ضحية الارتجال العلمي والتقليد :
اتّفقت كلمات أغلب النقّاد والمحقّقين على تضعيف السيّاري ، والغمز فيه ، وفي مرويّاته ، وهذا التضعيف إنّما جاء بسبب مباني الجرح عند القدماء ، وحالة التقيّد عند المتأخّرين بمقولة المتقدّمين ، ويمكننا أن نضيف سبباً آخر وهو أنّ السيّاري روى جملة من روايات (تحريف القرآن) ، وهو موضوع يشكّل هاجساً مخيفاً عند كثير من المحقّقين المعاصرين ، بحيث يتوقّف الباحث عند الخوض في غماره أو مواجهة استحقاقاته ، احترازاً من تهمة طالما ألصقها المخالفون بالشيعة ، وبغضّ النظر عن القول المختار في موضوع التحريف ، فإنّني رأيت أنّ الرهاب الموجود في الوسط الفكري من روايات التحريف هي التي دفعت بعض الباحثين المعاصرين إلى تأكيد ضعف السيّاري ، وعدم الاعتناء بتراثه الروائي ، لتحييد مرويّاته عن أن تكون وثائق بيد المخالفين يتمّ توظيفها في السجالات ، وحرب التهم المتبادلة بين الطرفين.
وسنذكر أهمّ النصوص ـ القديمة والحديثة والمعاصرة ـ الواردة في تضعيف السيّاري ، ثمّ نذكر أهمّ ما قرّروه في وجوه التضعيف ، ونبيّن ضعف تلك الوجوه ، وما يعارضها من مرجّحات التوثيق ، لنخلص إلى القول المختار في بيان درجة وثاقة أحمد بن محمّد السيّاري.
أقوال النُّقاد والمحقّقين
أمّا أهمّ الأقوال في تضعيف السيّاري ، فهي كما يأتي :
* أحمد بن الحسين الغضائري (توفّي قبل سنة ٤٥٠ هـ) ، قال : «أَحْمَدُ بنُ