٤ ـ القول بالتناسخ :
ومصدر هذه التهمة حكاية قالها محمّد بن علي محبوب(١) في كتاب النوادر للسيّاري ، ذكر ذلك ابن الغضائري ، ومنه أخذ من جاء بعد من الرجاليّين(٢) ، والعجيب أنّ هذه الحكاية صارت مستنداً لعلماء الرجال ، فنجد أنّ السيّد الخوئي قال عن السيّاري : «اتّفق علماء الرجال على فساد مذهبه ، وأنّه يقول بالتناسخ»(٣) ، وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي : أنّه «معروف بالتقوّل بالتناسخ»(٤) ، وهذا غريب منهما ؛ فالأصل في التهمة حكاية مرسلة ، ذكرها ابن الغضائري الذي يطعن السيّد الخوئي بثبوت كتابه ، أو صحّة الطرق إليه (٥) ، فكيف صار الأمر معروفاً ، وباتّفاق علماء الرجال؟
__________________
(١) هو أبو جعفر ، محمّد بن علي بن محبوب ، الأشعري ، القمّي ، كان شيخ القمّيين في زمانه ، ثقة في حديثه ، روى عنه أحمد بن إدريس (ت ٣٠٦ هـ) ، وقع في إسناد ١١٢٠ حديثاً في الكتب الأربعة ، وهو من روّاد تبويب الحديث في المباحث الفقهية ، له كتاب (الجامع) في الفقه ، جمع فيه الأحاديث في كتب منها : كتاب الوضوء ، كتاب الصلاة ، كتاب الصوم ، كتاب الحجّ ؛ كما له كتاب (الضياء والنور) في الحكومات ، جمع فيه الأحاديث في فقه المعاملات راجع : رجال الأشعريين : ١٦٠ ـ ١٦١.
(٢) رجال ابن الغضائري : ٤٠ ، خلاصة الأقوال : ٣٢١ ، رجال ابن داود : ٢٢٩.
(٣) البيان في تفسير القرآن : ٢٢٦.
(٤) تفسير الأمثل ٨ / ٢٩.
(٥) قال السيّد الخوئي في رجاله «وكذلك كتاب رجال ابن الغضائري. فإنّه لم يثبت عند المتأخّرين ، وقد ذكره ابن طاووس عند ذكره طرقه إلى الأصول الرجالية أنّه لا طريق له إلى هذا الكتاب. وأمّا العلاّمة ابن داود والمولى القهبائي فإنّهم وإن كانوا يحكون عن هذا الكتاب كثيراً إلاّ أنّهم لم يذكروا إليه طريقاً. ومن المطمئن به عدم وجود طريق لهم إليه» معجم رجال الحديث ١ / ٤٣.