ذكر ابن الغضائري في ترجمة السيّاري : «مُتهالِكٌ ، غال ، مُنْحَرِفٌ»(١) ، وقال النجاشي : « ... فاسد المذهب ، ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله ... أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما كان من غلو وتخليط»(٢) ، ومع الأسف لم نجد من حقّق في ثبوت هذه التهمة ، أو جاء بالقرائن والشواهد المؤيّدة لإثباتها ، ومعروف عند المحقّقين الأثبات أنّ إثبات الغلوّ بالأقاويل أمر مرفوض ، ولاسيّما إذا كان مصدر التهمة شخصاً متشدّداً في الجرح كابن الغضائري ، وسنأتي على استقراء روايات السيّاري ، ونثبت خلوّها من شائبة الغلوّ المزعوم.
وقد تنبّه بعض الباحثين لهذا الأمر ، وأنّ الغلوّ لم يكن إلاّ تهمة كان القمّيّون وبعض المتشدّدين يطلقونها على الراوي حين لا تكون رواياته متوافقة مع آرائهم الاجتهادية في مقام أهل البيت عليهمالسلام ، يقول السيّد حسين البروجردي : «والسيّاري ممّن رموه بالضعف ، لما نسب إليه من الغلوّ. هذا ، وقد عرفت منّا سابقاً أنّ كثيراً ممّن نسب إليهم الغلوّ كان لهم عقائد صحيحة متقنة ، غاية الأمر أنّ بعض الشيعة كانوا لقصورهم في بعض العقائد ربّما يعدّون بعض العقائد الكاملة الصحيحة غلوّاً وإفراطاً ؛ فلا يلتفت إلى كثير ممّا ينسب إلى الأصحاب من الغلوّ والإفراط»(٣).
__________________
(١) رجال ابن الغضائري : ٤٠.
(٢) رجال النجاشي : ٨٠ ، نقد الرجال ٥ / ١٨٢ ، خاتمة المستدرك ١ / ١١١.
(٣) البدر الزاخر في صلاة الجمعة والمسافر : ٢٩١.