حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ بما كان فيه من غلوّ وتخليط»(١) ، ويظهر أنّ الاستثناء في ذيل الطريق يعود لابن الغضائري ؛ لأنّه هو مصدر التهمة ، ولوقوعه في أوّل الطريق ، والاختلاط «إذا قيل على الإطلاق ، فيراد أنّه مخلّط في نفسه واعتقاده»(٢) ، والتخليط إمّا أن يكون في نفس الراوي ، أو في رواياته ، أو في عقيدته ، فإذا أطلق على نفس الراوي فلعلّ المراد به ما يقابل الضبط والتثبّت ، وإذا أطلق على رواياته فالمقصود به إما خلط الأسانيد أو خلط المتون ، وقد يطلق التخليط أيضاً على العقيدة ، عندما يتحوّل الراوي من العقيدة الصحيحة إلى الفاسدة ، أو عندما يُظهر بعض المقالات الباطلة(٣) ، وكلّ هذه الطعون لا نجد ما يدلّ على ثبوتها في محدّثنا السيّاري ، فأمّا قلّة ضبطه وتثبّته فليس ثمّة ما يدلّ عليه من نصوص النقّاد أو استقراء مرويّاته ، وسنثبت إن شاء الله أنّ رواياته عالية المضامين ، مقبولة عند قدماء الشيعة وأصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، وأمّا عقيدته فسيتّضح سلامتها من أي غلوّ أو انحراف.
٣ ـ الغلوّ :
ويظهر أنّ المصدر الأساس لهذه التهمة هو ابن الغضائري ، وكلّ من جاء بعده من النقّاد والمحقّقين فقد أخذها منه ومن تلامذته كالطوسي والنجاشي ، فقد
__________________
(١) الفهرست : ٦٦.
(٢) نهاية الدراية : ٤٣٦.
(٣) راجع : ضعفاء الرواة : ١٨.