ذلك(١) ، ومن الأمثلة الأخرى مرسلة السيّاري عن محمّد بن مسلم في باب العيب في البيع ، أوردها السيّد عبد الحسين اللاري (ت ١٣٤٢ هـ) ثمّ علّق عليها قائلاً : «مرسلة أحمد بن محمّد السيّاري البصري الضعيف الحديث فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل ، لكنّ الظاهر انجبارها بالشهرة فتوى ورواية حتّى جُعلت قاعدة من القواعد المسلَّمة»(٢) ، وهي بالفعل من الروايات المشهورة في باب (خيار العيب) ، واستند إليها الفقهاء محتجّين بمضمونها ، على الرغم من إرسالها وضعفها بالاصطلاح الرجالي الحديث ، وممّن احتجّ بها : العلاّمة الحلّي في تذكرة الفقهاء (٣) ، واحتجّ بهذا الخبر أيضاً الشيخ صاحب الجواهر قائلاً : «ولا يقدح ضعف سنده بعد الانجبار بعمل الأصحاب الذين عبّر كثير منهم بلفظه»(٤).
ثالثاً : رواية الثقات الأجلاّء عنه مباشرة :
يظهر من سيرة المحدّث السيّاري ، وتتبّع أحواله ، أنّه كان أستاذاً لكثير من الرواة والفقهاء ، إذ كانوا يقصدونه لأخذ العلم ورواية الحديث في مجالات معرفية متنوّعة ، وهذا الأمر يدلّ على مكانة علمية مرموقة ، وعلى اشتهار وثاقته في الأوساط العلمية ، ولاسيّما في المجتمع القمّي الذي كان يتحرّج من الرواية عن الضعفاء ، أمّا أهمّ تلامذته ، وأكثرهم علماً ووثاقةً فهم :
__________________
(١) جواهر الكلام ١٢ / ٢١٣.
(٢) تعليقة على المكاسب ٢ / ٣٩٩.
(٣) تذكرة الفقهاء ١ / ٥٣٨.
(٤) جواهر الكلام ٢٣ / ٢٥٨.