مقام (في) مجاز.
وثالثها : جواب روي عن الحسن ، قال : عنى بقوله : (مِنْ عَجَل) ، أي : (من ضعف) ، وهي النّطفة المهينة ، وهذا قريب إن كان العجل الضعف لغةً.
ورابعها : جواب أبي الحسن الأخفش ، وهو : أنّ المراد : (أنّ الإنسان خلق من تعجيل من الأمر) ؛ لأنّه تعالى قال : (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيء) الآية (١).
وخامسها : قيل : العجل الطين ، فكأنّه قال : (خُلق الإنسان من طين) ، واستشهد بقول الشاعر :
والنبعُ في الصّخرة الصّمّاء مَنبته |
|
والنَّخلُ ينبتُ بَينَ الماءِ والعَجَلِ |
وقد حكى صاحب كتاب العين عن بعضهم أنّ العجل الحمأة (٢).
والبيت رواه ثعلب عن ابن الأعرابىّ ولا يوافق هذا الجواب قوله : (فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ) ، وكان الوجه الأوّل أشبه بسياق الكلام وبحال الإنسان.
وسادسها : أن يكون المراد بالإنسان (آدم عليهالسلام) ومعنى (مِنْ عَجَل) أي : (في سرعة من خلقه) ، لأنّه لم يخلقه من نطفة فما بعدها كما خلق غيره ، وإنّما ابتدأه ابتداءً ، فكأنّه تعالى نبّه بذلك على الآية العجيبة في خلقه له.
وسابعها : ما روي عن مجاهد وغيره : أنّ الله خلق آدم بعد خلق كلّ شيء ، آخر نهار الجمعة على سرعة ، معاجلاً به غروب الشمس.
وروي : أنّه لما نُفخت فيه الروح بلغت أعالي جسده ، ولم تبلغ أسافله ،
__________________
(١) النحل : ٤٠ ، والآية : (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكونُ).
(٢) الحمأة : الطين الأسود المتغيّر المجتمع أسفل البئر. مجمع البحرين١ / ١٠٧.