القُرْء :
وكما أنّ المرتضى سجّل ظاهرة الاشتراك اللفظي فقد سجّل كذلك ظواهر لغوية أخرى وهي : ظاهرة الأضداد ، وقد جاء ذلك في كلمة (القُرْء) في قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَء) (١).
يقول السيّد المرتضى : «إنّ لفظة (القُرْء) في وضع اللغة مشتركة بين الحيض والطهر ، وقد نصّ القوم على ذلك في كتبهم ، وممّا يوضّح صحّة الاشتراك أنّها مستعملة في الأمرين بغير شكّ ولا دفاع ، وظاهر الاستعمال للفظة بين شيئين يدلّ على أنّها حقيقة في الأمرين إلى أن يقوم دليل يقهر على أنّها مجاز في أحدهما ...
فإن قيل : قد ذهب بعض أهل اللغة (٢) : إلى أنّ (القُرْء) مشتقّ من الجمع من قولهم : قريت الماء في الحوض ، إذا جمعته ، وقرأته ـ أيضاً ـ بالهمزة.
وذهب آخرون (٣) : إلى أنّ المراد به (الوقت) ، واستشهدوا بقول أهل اللغة : (أقرأ الأمر) ، إذا حان وقته ، فإنّ كان الأصل الجمع ، فالحيض أحقّ به ؛ لأنّ معنى الاجتماع لا يوجد إلاّ في الحيض دون الطهر ؛ وإن كان الأصل الوقت ، فالحيض أيضاً أحقّ به ؛ لأنّ الوقت إنّما يكون وقتاً لما يتجدّد ويحدث والحيض هو الذي يتجدّد ، والطهر ليس بمتجدّد ، بل هو الأصل ومعناه عدم الحيض».
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.
(٢) النهاية ٣٠ / ٤.
(٣) أحكام القرآن ١ / ٣٦٤.