تقديم ما حقّه التأخير :
وظاهرة أخرى تعرّض لها المرتضى ، وهي : تقديم ما حقّه التأخير من الألفاظ ، من ذلك قوله تعالى : (مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِـالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوَّةِ) (١).
يقول السيّد : «والمعنى : إنّ العصبة تنوء بها ، وتقول العرب : (عرضت الناقة على الحوض) وإنّما هو : (عرضتُ الحوض على الناقة) وقولهم : (إذا طلعت الشعرى استوى العود على الحرباء) (٢) يريدون : استوى الحرباء على العود. ويقول الأعشى :
لَمحقوقَةٌ أن تستجيبي لصوته |
|
وأن تَعلَمي أنّ الـمُعانَ موفِّقُ |
يريد : أنّ الموفّق معان» (٣).
الحذف والنيابة في الحروف :
إنّ القرآن الكريم قد راعى مسألة الذكر والحذف ، فلا تذكر كلمة إلاّ إذا اقتضاها السياق ، ولا تحذف كلمة إلاّ حذفها أبلغ وأنسب وأكثر ترابطاً في الأسلوب.
ولعلّ المراد من زيادة الحرف أو الكلمة ، هو الزيادة على الأصل في تأدية العبارة لمثل المعنى الذي اُريد لها أن تؤدّيه ، وليس المقصود أنّها خالية من الفائدة
__________________
(١) القصص : ٧٦.
(٢) من شواهد الطبري في جامع البيان ١٧ / ٣٦.
(٣) أمالي المرتضى ١ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦.