وإلاّ فإنّ إطلاق لفظ الزيادة على نظم القرآن بهذا المفهوم ينافي إعجازه ، ومن ثمّ إذا قيل : إنّ (إلى) زائدة هنا ، أو محذوفة هناك ، أو مبدّلة من غيرها ، فإنّها دعوة لإعمال الفكر في استجلاء واستظهار أسرار الحذف والزيادة ، والنيابة ، ويعتبر المرتضى أنّ الحذف من معالم الفصاحة والبلاغة ، اطّراحاً لفضول الكلام ، وفي هذا يقول : «إعلم إنّ من عادة العرب الإيجاز والاختصار ، والحذف طلباً لتقصير الكلام واطراح فضوله ، والاستغناء بقليله عن كثيره ، ويعدّون ذلك فصاحة وبلاغة ... وفي القرآن من هذه الحذوف والاختصارات العجيبة ...» (١). وقد عالج الشريف المرتضى كثيراً من مواضع الحذف وصوره التي جاءت في النصّ القرآني ، وسنبدأ بمبحث الحرف أوّلاً ، ثمّ نعرض لمبحث الكلمة.
أوّلاً : حذف الحرف :
١ ـ حذف حرف (الباء) :
في قوله تعالى : (أُوْلئِك لَمْ يَكونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَا كانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كانُواْ يُبْصِرُونَ) (٢).
هنا وقف السيّد المرتضى رادّاً على المشكّكين والملحدين في النظم القرآني لما يوهم الاختلاف والتناقض ، يقول : «قد نجد أهل الكفر يتولّى بعضهم
__________________
(١) نفس المصدر ٢ / ٣٠٩.
(٢) هود : ٢٠.