بعضاً ، وينصرونهم ويحمونهم من المكاره ، فكيف نفى استطاعتهم للسمع والإبصار ، وأكثرهم قد كان يسمع بأذنه ويرى بعينه؟ وقوله تعالى : (مَا كانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كانُواْ يُبْصِرُونَ) ففيه وجوه :
أحدها : أن يكون المعنى : يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع فلا يسمعون ؛ وبما كانوا يستطيعون الإبصار فلا يبصرون ؛ عناداً للحقّ وذهاباً عن سبيله ، فأسقط (الباء) من الكلام ، وذلك جائز ، كما جاز في قولهم : (لأجزينّك بما عملت ، ولأجزينك ما عملت). و (لأحدّثنّك بما عملت) وكما قال الشاعر :
نغالي اللحم للأضياف نيئاً |
|
ونبذله إذا نضج القدير |
فأراد نغالي باللحم» (١).
٢ ـ حذف (لا) :
ففي قوله تعالى : (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكمْ أَن تَضِلُّواْ) (٢).
ذهب السيّد المرتضى بعد ذكر وجه في تفسير الآية الشـريفة ، ثمّ ذكر وجهاً آخر ، وهو : أن يكون المعنى : (أن لا تضلّوا) ، وكقوله تعالى : (إنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِك) ومعناه : (إنّي اُريد أن لا تبوء بإثمي وإثمك) ، أي : (أريد أن لا تقتلني) ولا أقتلك ، فحذف (لا) واكتفى بما في الكلام (٣) ، وكقوله تعالى (وَأَلْقَى
__________________
(١) أمالي المرتضى ١ / ٥٥١.
(٢) النساء : ١٧٦.
(٣) أمالي المرتضى ٢ / ٤٦ ـ ٤٨.