اللبس ، فيقول القائل : (قد فعلت صَواباً ، وقلتَ حسناً) ، بمعنى (فعلت فعلاً صواباً ، وقلت قولاً حسناً) ، وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي :
أيّها القائل غيرَ الصوابِ |
|
أخّر النصح وأقلل عتابي» (١) |
وفي تفسيره لقوله تعالى : (إنَّهُ لَيَحْزُنُك الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكذِّبُونَك وَلَكنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (٢).
يقول الشريف المرتضى قدسسره : «وروي عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنّه قرأ هذه الآية بالتخفيف : (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكذبُونَك) ، ويقول : إنّ المراد بها : (أنّهم لا يأتون بحقّ هو أحقّ من حقّك).
وكان الكسائي يقرأ : (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكذبُونَك) ، بالتخفيف ونافع من بين سائر السبعة ، والباقون على التشديد ، ويزعم أنّ بين (أكذّبه) و (كذّبه) فرقاً ، وأنّ معنى (أكذّب الرجل) ؛ أنّه (جاء بكذب) ، ومعنى (كذّبته) أنّه (كذّاب في كلّ حديثه) ، وهذا غلط ، وليس بين (فعّلتَ) و (أفعلتَ) في هذه الكلمة فرق في طريق المعنى أكثر ممّا ذكرناه ؛ من أنّ التشديد يقتضي التكرار والتأكيد ، ومع هذا لا يجوز أن يصدّقوه في نفسه ، ويكذّبوا بما أتى به ؛ لأنّ من المعلوم أنّه عليهالسلام كان يشهد بصحّة ما أتى به وصدقه ، وأنّه الدِّين القيّم والحقّ الذي لا يجوز العدول عنه ، وكيف يجوز أن يكون صادقاً في خبره ، وإن كان الذي أتى به فاسداً ، بل إن كان صادقاً فالذي أتى به حقّ صحيح ، وإن كان الذي أتى به فاسداً ، فلابدّ من أن يكون
__________________
(١) الأمالي ١ / ٥٠٥.
(٢) الأنعام : ٣٣.