البين ، فنقول : أمّا ما يدلّ من الأخبار على القول المشهور الذي هو عندنا المؤيَّد المنصور فمنها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام وسُئل عن الماء تبول فيه الدوابّ وتَلِغُ فيه الكلاب ويَغتسل فيه الجنب ، قال : إذا كان الماء قدر كرٍّ لم ينجّسه شيء» (١).
وبعد نقله لهذه الرواية استطرد نقل روايات عديدة من كتب الحديث والفقه ـ كالكافي للكليني والذكرى للشهيد ـ أوصلها إلى ستّة وثلاثين حديثاً صحيحاً أو حسناً أو موثّقاً أو روايةً ـ مجرّدة عن أحد الأوصاف المتقدّمة ـ كلّها تؤيّد القول الأوّل (المشهور) وهو أنّ ما نقص عن الكرّ ينفعل بالنجاسة ، قائلاً :
«هذه جملة ما وقفت عليه من الأخبار التي تصلح لأن تكون مستَنَداً للقول المشهور ، وهي كما ترى على ذلك المطلب واضحة الظهور عارية عن القصور» (٢).
ولم يكن عرض الروايات المؤيّدة للقول الأوّل نهاية مطلب المصنّف ومأربه ولا غاية مراده ومبتغاه ، بل قام بعرض الروايات المؤيّدة للقول الثاني أيضاً ، ومن تلك الروايات ما رواه العلاّمة في المختلف عن ابن أبي عقيل أنّه قال : تواتر عن الصادق عن آبائه عليهمالسلام إنّ الماء طاهر لا ينجّسه إلاّ ما غيَّر لونه أو طعمه أو رائحته. وذكر مضافاً لهذا ثلاثة عشر حديثاً يؤيّد هذا القول الدالّ على جواز
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ / ٢٨٠. والرواية رواها الحرّ العاملي في الوسائل ١ / ١٥٨ ح (١).
(٢) الحدائق الناضرة ١ / ٢٨٩.