واستقرائه الكامل لكتب الحديث ، وهو أمر كان قد ابتُلي به بالفعل والد المصنّف نفسه ، أعني الشيخ أحمد بن إبراهيم قدسسره كما تقدّم في المطلب الثالث مسألة الجمع في النكاح بين فاطميّتين ، حيث إنّه كان قد أشكل على الشيخ جعفر بن كمال الدين حين نقله للرواية بسندها الصحيح ، وسبب إشكاله ذاك ـ على ما صرّح ابنه المصنّف ـ إنّما هو لعدم اطّلاعه على المصدر الآخر للرواية المذكورة ، وهو كتاب العلل للشيخ الصدوق.
ثمّ إنّه ذَكَر الدكتور خالد العطية أنّ المحدّث البحراني اتّبع أساليب متعدّدة في عرض الأخبار في مسائل الكتاب (١) ، وأذكر أربعة من تلك الأساليب التي تطرّق لبيانها مع بعض التصرّف والإضافة :
الأسلوب الأوّل : إنّه ابتداءً يشير إلى المسألة إجمالاً ، ثمّ يقسّم الأخبار الواردة فيها إلى عدّة أقسام بحسب ما تدلّ عليه من حكم في المسألة ، ثمّ يعقّبها بذكر أقوال الفقهاء فيها وما يدلّ على كلّ قول من الأخبار التي كان قد قسّمها إلى أقسام.
ومثال ذلك ما صنعه في مسألة حكم الخمس في زمن الغيبة ، حيث إنّه بعد ما أشار إلى عنوانها وإلى أنّها من أمّهات المسائل ومعضلات المشاكل التي اضطربت فيها أفهام الأعلام وزلّت فيها أقدام الأفهام ودُحضت فيها حجج أقوام واتّسعت فيها دائرة النقض والإبرام ، وإلى أنّ السبب في ذلك كلّه هو اختلاف الأخبار وتصادم الآثار ، قسّم تلك الأخبار إلى أربعة أقسام ، الأوّل : ما يدلّ على
__________________
(١) الحدائق الناضرة دراسة مقارنة : ٣٦١.