تقديمه وذلك لاعتمادهما ـ كما قال ـ على الأدلّة العقلية وعدم إلمامهما بالأخبار النقلية ، قال قدّس سرّه :
«... إلاّ أنّ من شأن السيّد وابن إدريس الاعتماد على الأدلّة العقلية بزعمهما وعدم مراجعة الأدلّة السمعية كما لايخفى على المتتبّع لكلامهما العارف بقواعدهما ، ولا سيّما المرتضى رضياللهعنه كما تصفّحت جملة من كتبه ، فإنّه في مقام الاستدلال على الأحكام التي يذكرها إنّما يورد أداة عقلية ولا يلمّ بالأخبار بالكلّية» (١).
الأمر الثاني : مجاراة الأصوليّين في منهجهم الاستنباطي ؛ وهي من المميّزات التي تفرّد بها البحراني من بين أقرانه من المنتسبين للمدرسة الأخبارية ، حيث إنّه في الوقت الذي كان يشير ويتطرّق إلى ذكر أدلّة الأصوليّين ويناقشها ويردّها فإنّه في الوقت نفسه نراه يجاريهم ويماشيهم في مصطلحاتهم ومناهج استدلالهم ، وبذلك يكون قد جمع في نواضر حدائقه بين المنهجين الأخباري والأصولي معاً في بحوثه الفقهية وإن كان من باب إلزام الأصوليّين بما ألزموا به أنفسهم ، وذلك بغية الوصول إلى ما يؤدّي إليه منهجه الأخباري من نتيجة.
وعلى أيّة حال فقد أضفى بطريقته تلك على الكتاب طابعاً أصوليّاً ولو من حيث الشكل وأزال الاستيحاش من نفوس من يقرؤوه من أتباع المدرسة الأصولية ، وبذلك يكون قد وسّع من دائرة انتشاره وساعد على الإقبال على دراسته ليعمّ اتّباع المدرستين معاً.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٧ / ٣٩٤ ـ ٣٩٧.