في آخره ، لم تكن مبهمةً يكسوها الوصف تقرّباً من المعرفة بالتخصيص ؛ وهو ما يتطلّب عوداً إلى سياق هذه الكلمات بحثاً عن داعي هذا التنكير.
فقد سبق هذه الكلمات سلام على الحسين وتعظيم لمصيبته ، جاء فيه : «السلام عليك يا ابن رسول اللّه ، وابن أمين اللّه ، وابن خالصة اللّه ، السلام عليك يا أبا عبد اللّه ، إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ؛ ما أعظم مصيبتك عند جدّك [أبيك] رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وما أعظم مصيبتك عند من عرف اللّه (عزّ وجلّ) ، وأجلّ مصيبتك عند الملأ الأعلى وعند أنبياء اللّه ورسله [عند رسل اللّه] ، السلام منّي إليك والتحية مع عظيم الرزية عليك» (١).
ولعلّ سياق تعظيم مصيبة سيّد الشهداء عند من ذكروا هنا ، ثمّ في نفس قارئ الزيارة بعد ذلك ؛ يرجّح أنّ التنكير هنا أفاد الألم والحسرة ؛ وكأنّ جملتي هذا المقطع علّلتا تلك العظمة المذكورة لمصيبة سيّد الشهداء ؛ وهو ما يعني أنّ تخصيص النكرة جاء خدمةً لغرض الألم والحسرة ؛ فثمّة تخصيص مقصود لغيره هنا ، لا لنفسه.
فالإمام بعد أن ذكر مواطن كان فيها الإمام الحسين نوراً ، عاد فأكّد نورانيّته في تلك المواطن ، واصفاً تلك النورانية بقوله : «كنت فيها نوراً ساطعاً لا يطفأ» ، لتتعاقب على وصف الموصوف صفتان :
الأولى : ساطعاً ، صفة مفردة تنزِّل وموصوفها منزلة اسم واحد ، كما تقدّم ،
__________________
(١) كامل الزيارات : ٢٣٠.