٤ ـ منزلة الشارح البحراني بين العلماء ، إذ هو قمّة بين جبلين شامخين ، فهو من جهة تلميذ شيخ الطائفة نصير الدين الطوسي (٦٧٢ هـ) ، وتلمّذ على البحراني الحسن بن يوسف بن علي بن المُطَهَّر الأسدي المعروف بالعلاّمة الحلّي ، وبابن المطهّر (٧٢٦هـ)(١).
أمّا عن النهج الذي انتهجه الشارح في شرحه ، فكان يبدأ بذكر قول الإمام عليهالسلام وكثيراً ما كان يُقَسِّم الخطبة الواحدة أقساماً بحسب وحدة الموضوع ، ومن ثَمَّ يبدأ بتوضيح بعض الكلمات غير واضحة المعنى ، دون أن يشير إلى أصحاب المعاجم. وبعد ذلك يبدأ بذكر المعنى العامّ للخطبة ، مع ذكر مناسبة الخطبة ، وأخيراً شرح الخطبة ، جملةً جملةً. والناظر في هذا الشرح يجد فيه صبغةً عرفانية وفلسفية ، وهو ما عُرِف به هذا الشارح ، فهو من العلماء العرفانيّين والمتكلّمين ، وقد ضمَّنَ معرفته الفلسفية شرحه هذا ، ممّا يجد معه الباحث مشقّةً كبيرةً في تفسير عبارات الشرح التي يكتنفها الغموض. ثمّ إنَّه لجأ إلى التلخيص الشديد ، ولاسيّما في مقدّمته البلاغية التي قدَّم بها للشرح التي جاوزت مائة وخمسين صفحة ، والتي يلفّها الكثير من المصطلحات الأصولية والفلسفية الصعبة ، ممّا زاد في صعوبة فهم الكثير من عباراته ، وآرائه(٢).
وشرح نهج البلاغة للبحراني شرح كبير يقع في خمسة أجزاء بطبعة إيران ، وقد تجمّعت من استقرائه مادّة نحوية دلالية كثيرة لا تسع هذه الصفحات
__________________
(١) ينظر : أنوار البدرين : ٦٢ ؛ أعيان الشيعة ١ / ١٦٦.
(٢) ينظر : شرح نهج البلاغة (البحراني) ١ / ١٩ ـ ١٦٢.