نظرة عابرة على مواضيع مرويّات الشيخ ابن الجندي :
بإمكان القارئ الكريم أن يستشفّ ممّا قدّمناه لحدّ الآن من معلومات ، المواضيع التي تتمحور حولها روايات ابن الجندي فهو محدّث بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى فقد عني برواية السنّة النبوية بما لها من المواضيع المنوّعة وقد تمثّل هذا القسم من جهوده في مصادر العامّة حيث رووا عنه العشرات من الأحاديث. أمّا في الوسط الشيعي فدوره الإبرز يتجلّى في رواية الكتب التي وقع في طريقها وكان حلقة وصل بين الشيخ النجاشي وبين مؤلّفي تلك الكتب ولا يخفى ما في هذه الوساطة من الأهمّية لأنّ الباحث لا يمكنه التأكّد من صحّة نسبة الكتاب إلى مؤلّفه إلاّ عبر توثيق طريقه إليه كما أشبعنا القول فيه عند الحديث عن وثاقة الشيخ ابن الجندي فراجع.
أمّا بالنسبة لمجالات أخرى فيضعنا استعراض ما يرويه في صورة واضحة عن مشاركته في حقول مختلفة كتراجم الرواة ووفياتهم ـ كما ألمحنا إلى ذلك آنفاً ـ وأقوالهم وآراء المحدّثين وحتّى لمحات من تاريخ القرن الرابع فعلى سبيل المثال قال صاحب تاريخ مختصر الدول : «وقال أبو الحسن بن الجندي : إنّه رأى الحلاّج وشاهد من شعابيذه أشياء منها تصويره بين يديه بستاناً فيه زروع وماء» (تاريخ مختصر الدول ١ / ١٥٦ ـ ١٥٧).
إذن فنجد في شيخنا ابن الجندي محدّثاً ثقة موسوعىَّ الثقافة ملمّاً بالاتّجاهات الفكرية المختلفة وفي الوقت نفسه لا تفوته آداب الرواية ولا تعوزه معايير التحديث وهذا ـ أي تمسّكه بضوابط التحديث التي يجب أن يلتزم بها